عدنان بن عبد الله القطان

25 ذو القعدة 1443 هـ – 24 يونيو 2022 م

———————————————————————————

الحمد لله الذي شرع الحج إلى بيته الحرام، وجعله أحد أركان الإسلام العظام، وجعل أفئدة المؤمنين تهوي إليه في كل عام، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك العلام.

ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله أفضلُ من صلى وزكى وحج وصام، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأزواجه وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أمّا بعد: فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى :(وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)

معاشر المسلمين: هذه مواسِم الخيراتِ على العباد تترى، فما أن تنقضِيَ شعيرة، إلا وتظهر للناس أخرَى، ها هي أفواجُ الحجيج ببيت الله العتيق، تلبِّي دعوةَ الخليل إبراهيم عليه السلام، إذ نادى الناس بالحج ممتثلاً أمر ربه حيث قال تبارك وتعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً) أي: مشاة (وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ) أي:  ركباناً (يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ) بيتٌ جعَلَه الله مثابةً للنّاس وأَمناً، حَولَه تُرتَجى من الكريم العطايا والرحماتُ، حرمٌ مبارَك فيه آياتٌ بينات ظاهرات، قال تعالى: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ، فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا. حجُّه مِن عمادِ الإسلام وأركانه العظام، قال سبحانه: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) أي أن من أنكر فرضية الحج ولم يعتقد أنه ركن وفريضة، (فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ). والحجُّ أيُّها الإخوة والأخوات: ركنٌ من أركان الإسلام الثَّابتة التي بُنيَ عليها، فلا يكون إسلام العبد تاماً بدونه، قال صلى الله عليه وسلم: (بُنِىَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ وَحَجِّ الْبَيْتِ) وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّه قال: (خَطَبَنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: أَيُّهَا النَّاسُ قدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الحَجَّ، فَحُجُّوا، فَقالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يا رَسولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حتَّى قالَهَا ثَلَاثًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لو قُلتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَما اسْتَطَعْتُمْ، ثُمَّ قالَ: ذَرُونِي ما تَرَكْتُكُمْ، فإنَّما هَلَكَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ بكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ علَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بشيءٍ فَأْتُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ، وإذَا نَهَيْتُكُمْ عن شيءٍ فَدَعُوهُ) إنَّ الحجّ فرض على المسلمين القادرين عليه، وقد ذكر الله أنَّه غنيٌّ عن عباده بعدما صرَّح بوجوب هذه الفريضة، فكيف للمسلم المقتدر على فريضة الحجِّ مادِّياً وجسدياً أن يتركها وهو يعلم علم اليقين، أنَّ الحجَّ فرضٌ أمر به الله تعالى في كتابه وصدَّقه نبيه، هل يخشى العبد الفقر والله وعده بالغنى؟ أم هل يخشى على نفسه التَّعَب؟ فإنَّ الحياة الدُّنيا هي دار النَّصب، والحجُّ لا يكون إلَّا مرَّةً واحدةً، فكيف للقادر على الحجِّ أن يُؤخِّر هذه الفريضة في كلِّ عامٍ للعام الذي يليه، وهو لا يعلم إن كان يستطيع الوصول إليها في عامه المقبل أم لا. ولهذا وجب على كلِّ مسلم مُستطيع أن يتعجَّل الحجَّ، فقد يأتي يومٌ يَعْجِزُ فيه عن الحج: يقول صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَرَادَ الحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ، فَإِنَّهُ قَدْ يَمْرَضُ المَرِيضُ، وَتَضِلُّ الضَّالَّةُ وَتَعْرُضُ الحَاجَة) والله تعالى لا يكلِّف الإنسان إلاَّ وسعه، ولا يحمِّله ما لا يقدر عليه، فسبحان من جعل فريضة الحجِّ مرَّةً واحدةً؛ كي يستطيع النَّاس أن يؤدوها من غير مشقَّة ولا تكلُّف.

أيها الأخوة والأخوات في الله: إن العبادات في الحج متنوعة، فهو أطول عبادة بدنية في الإسلام، تلبية وطواف وصلاة وسعي ومَبيت ووقوف بعرفات وحلق ونحر ورمي للجمرات وغيرها.. وهو سببٌ في تربية نفس المسلم على الانقياد لأمر الله تعالى والتَّسليم له، فالله تعالى أمر المسلم في الحجِّ أن يؤدِّي مناسك معينة، وفعله لهذه المناسك هي تربية لنفس الحاج على اتِّباع أمر الله،  وإتيان ما يأمره به، واجتناب ما ينهى عنه، وخليل الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام قد دعوا الله أن يعلِّمهما كيف يعبدانه وكيف يحُجَّان، فقال تعالى: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)

عباد الله: والحج مظهر من مظاهر الإيمان، وإخلاص العبادة للواحد الديان، فالحاج من أول دخوله في الحج، يعلن إيمانه الخالص بالله وتوحيده له، في أول كلمة ينطق بها: قائلا: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك).

في الحَجِّ التنبيه للمسلِمِينَ إلى فضيلة الذِكرَ للهِ عز وجل وأنه المقصود من فعل العِبَادَاتِ، وأداء الطاعات والقربات، يقول عليه الصلاة والسلام: (إنما جُعِل الطوافُ بالكعبة وبين الصفا والمروة ورميُ الجِمار لإقامَة ذِكر الله عز وجل). في الحج تتجلى العبودية التامة لله تعالى بامتثال أمره، فيما تدرك العقول حكمته وفيما لا تدركه، فالفاروق عمر بن الخطاب

رضي الله عنه يقبل الحجر الأسود ويقول: (والله إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك).. الحج يعلم الأُمَّة أَنَّهُ لا سَعَادَةَ لها إِلاَّ بِاتِّبَاعِ سَيِّدِ المُرسَلِينَ وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ، فقَد كَانَ في كُلِّ خطوَةٍ في حَجَّتِهِ يُؤَصِّلُ هَذَا المَعنى وَيَغرِسُهُ في قُلُوبِ المُسلِمِينَ، حَيثُ كَانَ يَقُولُ عِندَ كُلِّ مَنسَكٍ مِن مَنَاسِكِ الحَجِّ: (خُذُوا عني مَنَاسِكَكُم) وَهُوَ صلى الله عليه وسلم الذي قَد قَالَ:(مَن عَمِلَ عَمَلاً لَيسَ عَلَيهِ أَمرُنَا فَهُوَ رَدٌّ).. الحج يعلم الأمة َالتَّوَسُّطِ والاعتدال في الأُمُورِ كُلِّهَا، فَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قال رَسُولُ اللهِ غَدَاةَ العَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ: (القُطْ لي حَصًى، فَلَقَطتُ لَهُ سَبعَ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى الخَذفِ، فَجَعَلَ يَنفُضُهُنَّ في كَفِّهِ وَيَقُولُ: أَمثَالَ هَؤُلاءِ فَارمُوا، ثم قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِيَّاكُم وَالغُلُوَّ في الدِّينِ، فَإِنَّهُ أَهلَكَ مَن كَانَ قَبلَكُمُ الغُلُوُّ في الدِّينِ). رَمي الجِمَارِ في الحج يذكر الناس بِأَلَدِّ أَعدَائِهِم، وَأَعتى خُصُومِهِم، الشيطان الرجيم، ليحذروا مكره ويقاوموه، قال عز وجل محذراً من كيده ومكره: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ)

الحجِّ يربي الأمة على التحلي بالصفاتِ الكريمة والأخلاقِ القويمة الحَميدة، قال تعالى:

(فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ). في الحج عباد الله أسمى معاني العدل والمساواة بين بني البشر، فلا فرق بين غني وفقير، ولا بين أبيض وأسود، ولا بين رئيس ومرؤوس إلا بالتقوى…

 الحج يذكر بوحدة الأمة واجتماعها؛ يشعر المسلمين جميعاً أنهم يدينون بدين واحد، ويؤمنون برب واحد، ونبي واحد، لباسهم واحد، وقبلتهم واحدة، وأهدافهم واحدة، يلهجون بلسان واحد (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لبيك، إن الحمد والنعمة لك لا شريك لك).

في الحج ترسيخٌ لمبدأ الأُخوَّة بين المسلمين، وفي شعائِره التكافل والتراحم بين المؤمنين، قال تعالى (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) في الحج في يوم عرفة خاطب النبي صلى الله عليه وسلم جموع المسلمين، بهذه الأخوة قائلاً:(إِنَّ دِمَاءَكُم وَأَموَالَكُم حَرَامٌ عَلَيكُم كَحُرمَةِ يَومِكُم هَذَا، في شَهرِكُم هَذَا، في بَلَدِكُم هَذَا…) في الحج عباد الله تُتبادل المنافِع الدينية والدنيويَّة، قال سبحانه: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) وفي الحج تعويد المسلم على الصبر وتحمل الشدائد… في الحج التربية على الشعور بقيمة الوقت، فلكل يومٍ في الحجِّ عبادةٌ مُغايِرةٌ لأُختِها، ولكلٍّ منها زمنٌ ينقضِي بانقِضائِها؛ فالإفاضةُ من عرفة بعد الغروب تبتدئ، والمَبيت بطُلُوع الشمسِ ينقضِي وينتهي. في الحج عباد الله التذكير بلقاء الله عز وجل واليوم الآخر فبالسفر عن الأوطان ووداع الأهل والجيران، يتذكر المسلم رحيله إلى الله والدار الآخرة، وبالتجرد من المخيط وارتداء ثياب الإحرام، يتذكر المسلم الموت ولباس الأكفان، وبزحمة الحج يتذكر زحام يوم الحشر يوم يقوم الناس لرب العالمين يوم يجمع الله الأولين والآخرين.. في أداءِ هذا الركن العظيم غُفران الذّنوب وغَسل أدران الخطايا والعيوب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن حجَّ فلم يرفُث ولم يفسق رجَع كيوم ولدَته أمّه)

أيها المؤمنون: في أداء هذا الركن على الوجه المطلوب الفوزُ برضوان الله الكريم، والظفر بجنَّات النعيم، يقول عليه الصلاة والسلام: (الحجُّ المبرورُ ليس له جزاءٌ إلا الجنة).

فيا له من جزاءٍ عظيم، وثواب جسيم، يتنافس فيه أولو العقول الزاكية، والهمم العالية، (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ) وطُوبَى لمن حجَّ بيتَ الله الحرام مُخلِصاً نيَّتَه لله تعالى، مُقتدِياً في نُسُكه برسول الله صلى الله عليه وسلم، راجِياً ثوابَ الله والدارَ الآخرة. وليبادرْ إلى حجِّ بيت الله الحرام مَن لم يحجَّ بعدُ، قبل أن يموت ويفارق هذه الدنيا، فيندم في ساعة لا ينفعه فيها الندم. وفقني الله وإياكم للقيام بفرائضه، والْتزام حدوده وزوَّدَنا من فضله وكرمه وحُسْن عبادته، ووفقنا وإيَّاكم لحجِّ بيته الحرام، إنَّه جواد كريم.

أيها الأخوة والأخوات: يستقبل المسلمون في الأيام القليلة القادمة العشر الأولى من ذي الحجة، وهي أفضل أيام الدنيا على الإطلاق، فطوبى لمن عمل صالحاً فيها، وتعرض لنفحاتها، وأعطاها حقها، وعمر أوقاتها بطاعة مولاه وذكر خالقه عز وجل، يقول صلى الله عليه وسلم: (ما مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ (يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟! قَالَ: وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ) فينبغي على العبد أن يستغل هذه الأيام المباركة، ويكثر من الأعمال الصالحة فيها كالحج والصلاة والصيام والصدقة وتلاوةِ القرآن وذِكرِ الله واستغفاره ودعائه، والتكبير والتهليل والتسبيح وغيرِها مِن العبادات، فإن الأجور عليها مُضاعَفةً وجَزيلة.

فاللهم يا أرحم الراحمين نسألك أن توفقنا في هذه الأيام إلى أحسن العبادة وأحسن العمل وأحسن الدعاء واجعلنا من عبادك الأوابين المنيبين المسابقين إلى الجنات ورفيع الدرجات إنك سميع الدعاء.

نفعني الله وإيّاكم بالقرآن العظيم، وبهديِ سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيمَ الجليل لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله القائل: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد فيا أيها المسلمون والمسلمات: أعلموا رحمكم الله أن الواجب على كل مسلم ومسلمة ممن كتب الله له الحج والعمرة في هذا العام، أن يتأكد من تسجيله لدى الحملات المرخصة لدى بعثة مملكة البحرين للحج، وليحذر من الذهاب مع الحملات غير المرخصة تلافياً من الوقوع في المشاكل والمسائلات التي قد تعرض لها، مع أهمية الأخذ بأسباب الوقاية والحماية حفاظاً على صحته وسلامته، وذلك بأخذ جميع التطعيمات الطبية والإجراءات الاحترازية المطلوبة التي قررتها الجهات القائمة على الحج والجهات الصحية في مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية.. كما يجب على الحاج أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله تعالى والتقرب إليه، وأن يحذر من أن يقصد حطام الدنيا أو المفاخرة، وحيازة الألقاب أو الرياء والسمعة. كما يستحب له أن يوصي أهله وأولاده بتقوى الله عز وجل، ويكتب ماله وما عليه من الدين وما هو مسؤول عنه، ومتعلق بذمته من حقوق، كما يجب عليه أن يبادر إلى التوبة من جميع الذنوب والمعاصي، والندم على ما مضى منها والعزم على عدم العودة إليها، وأن يرد المظالم لأهلها، كأن يكون لأحد عنده ما ل أو عرض أو يطلب منهم السماح والعفو عنه. كما يجب عليه أن يختار لحجه وعمرته نفقة طيبة من مال حلال لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً. ويستحب للحاج أن يجتهد في اختيار الرفيق الصالح، الذي يعينه على نفسه، ويذكره ما نسي، ويعلمه ما جهل، كما ينبغي عليه أن يتعلم ما يشرع له في حجه وعمرته، ويتفقه في ذلك، ويسأل أهل العلم عما أشكل عليه، ليكون على بصيرة وليسلم حجه وعمرته من النقص والخلل، كما ينبغي أن يتخلق الحاج بالخلق الحسن، ويخالق به الناس ويبتعد عن جميع المعاصي والمحرمات، كما يجب أن يحافظ الحاج على أداء جميع الواجبات ومن أعظمها الصلوات في أوقاتها ويكثر من الطاعات كقراءة القرآن، والذكر، والدعاء، والاستغفار والصلاة على النبي وآله، والإحسان إلى الناس بالقول والفعل وإعانة المحتاجين والرفق بالمسلمين والتصدق على الفقراء، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.  كما أنه يجب على كل مسلم ومسلمة، أن يساهم في المحافظة على أمن الحرمين الشريفين من أجل الطائفين والعاكفين والقائمين والركع السجود، وليحذر المسلم أن يهم فيه بسوء وأذى لإخوانه المسلمين، أو يدعوا إلى التظاهرات السياسية والاضطرابات والفوضى والتخريب، فقد توعد الله  من يفعل ذلك بالعذاب الأليم، فقال تعالى: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)…لا يسع مسلماً قصد تلك البقاع الطاهرة، يرجو رحمة ربه، ويؤمل مغفرته، ويتطلع إلى عمل صالح مبرور، وسعي مشكور، لا يسعه إلا البعد عن كل ما يشوش على المتنسكين أو يكدر الأمن والأمان على المتعبدين…

 حفظ الله الحرمين الشريفين والمسجد الأقصى من عبث العابثين ومكر الماكرين وجعلها شامخة عزيزة، عامرة بالطاعة والعبادة إلى يوم الدين.. وشكر الله لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده وحكومته الرشيدة، على ما يقومون به من تطوير وتوسعة ومشاريع جليلة للحرمين الشريفين، من أجل خدمة ضيوف الرحمن، وتوفير أقصى درجات الراحة والأمن والأمان لهم ليؤدوا مناسكهم بكل سهولة ويسر، ونسأل الله تعالى أن يحفظهم ويبارك في جهودهم ويسدد على طريق الخير خطاهم، ويجعل هذه الجهود المباركة في ميزان حسناتهم يوم القيامة.. اللهم أحفظ الحجاج والمعتمرين في برك وبحرك وجوك، واجعل حجهم مقبولاً وذنبهم مغفوراً وسعيهم مشكوراً، وردهم إلى أهلهم سالمين غانمين.

 اللهم من أراد بأمن الحرمين الشريفين وحجاج بيتك، كيداً وسوءاً وأذى، فعجل بهلاكه، وأرنا فيه عجائب قدرتك، اللهم اجعل الدائرة عليهم، واجعل كيدهم في نحورهم، اللهم ادم علينا نعمة الأمن والأمان والاستقرار يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك اللهم حبب إلينا الأيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين.

اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين.

اللهم أحفظ بلادنا البحرين وبلاد الحرمين الشريفين، وخليجنا، واجعله آمناً مطمئناً سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين. اللهم وفق ولاة أمورنا لما تحب وترضى، وفق ملكنا حمد بن عيسى وولي عهده رئيس وزرائه سلمان بن حمد، اللهم أعنهم على أمور دينهم ودنياهم.  وهيئ لهم من أمرهم رشداً، وأصلح بطانتهم ومستشاريهم ووفقهم للعمل الرشيد، والقول السديد، ولما فيه خير البلاد والعباد إنك على كل شيء قدير..

اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان ناصراً، ومؤيداً، وظهيراً، ومعيناً.

اللهم أحفظ بيت المقدس والمسجد الأقصى وأهله، واجعله شامخاً عزيزاً عامراً     بالطاعة والعبادة إلى يوم الدين.

اللهم وفِّقنا للتوبة والإنابة، وافتح لنا أبواب القبول والإجابة، اللهم تقبَّل طاعاتنا، ودعاءنا، وأصلح أعمالنا، وكفِّر عنا سيئاتنا، وتب علينا، واغفر لنا ولوالدينا ولموتانا وموتى المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.

الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَبَارِكَ عَلَىَ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

 

           خطبة جامع الفاتح الإسلامي – عدنان بن عبد الله القطان – مملكة البحرين